Rustin Spencer Cohle

“I think human consciousness is a tragic misstep in human evolution. We became too self aware; nature created an aspect of nature separate from itself. We are creatures that should not exist by natural law. We are things that labor under the illusion of having a self, a secretion of sensory experience and feeling, programmed with total assurance that we are each somebody, when in fact everybody’s nobody. I think the honorable thing for our species to do is deny our programming, stop reproducing, walk hand in hand into extinction, one last midnight, brothers and sisters opting out of a raw deal.” Rustin Spencer Cohle

26/06/2012

حجر الورد - حسين البرغوثي


St.Rita's rosewood.

كلما اتّسعت الرؤيا ضاقت العبارةُ "، قال النِفَّريّْ. ورأيتُهُ يدخلُ الصحراء" غريباً كوحشِ اللهِ في الجبل "، بين عروةِ بنُ الوردِ يحسو قُراحَ الماءِ، والماءُ بارِدٌ، وبين وقفات النِفَّريّْ.
جاءِ إلينا منحدراً من الكهفِ، بعد أن نامَ سبعَ قرونٍ، وكلبهُ باسطٌ ذراعيهِ بالوصيدْ. كان غريبَ الزيِّ واللغةْ، وعِملتُهُ من مملكةٍ قديمةٍ، قلبُها تجارُ السوقِ والحراسُ والجباةُ، ما لهذا النبيِّ يمشي ويأكلُ في الأسواقْ؟ قالوا. فقالَ بأنَّ الشِّعرَ منضبطٌ، والروحُ تشطحُ، والقلبُ والقالبُ مفصولانِ بحرفِ الألفِ الذي يرعى العشبَ كالثيرانِ، ويشربُ الماءَ من بحيرةٍ منعزلةٍ خلفَ غاباتٍ مقمرةِ الإتِّساعْ.
كان المسافةَ بين الوردةِ والفيضـــانِ، بين الفوضى والتحنيط، حوارَ الهندسةِ مع الماءِ، وجهاً نصفُهُ الأولُ من رخامٍ والآخرُ من نارٍ ورقصٍ جنونيّْ، وكان العتمَ الكامنَ في روحِهِ يحاولُ ذبحَ النارِ بلونِهِ، فتهدأَ ريحْ.كنا نرتادُ مقهى النردِ في سوقِ تدمرَ القديمةِ، أيّامَها، كي نستريحَ منَ التجارةِ في بخارى. وكانت جمالُنا تَعْلِكُ الوردَ عندَ البوابةِ الشرقيةِ، ونسخرُ من مشاغلِهِ بحرفٍ أو بجملةٍ. لِمَ؟ قلنا. وعرضنا عليه الخزَّ والخبزَ، قال بأن إبداعَهُ جفَّ، وواد عبقرَ خالٍ، وعرافةُ القمرِ التي دلتهُ أرتهُ محيطاً، أو محيطينِ منحوتينِ من حجرٍ، والموجُ المنحوتُ من حجرٍ يوحي بوهمِ الحركةِ الزرقاءَ. وكذا كانت جمالُنا تَعْلِكُ الوردَ، فبكى، مختلفاً عنا. لم يكُ يبحثُ عما يتشابه في ملامِحِنا من تضاريسْ. قالَ: نصفُ القمرِ أسودٌ، والنصفُ أصفرٌ، وسـأل عن هذا الصوفيِّ الذي وقعَ في حبِّ بحيرةٍ. وتحدَّثَ عن مخطوطاتٍ في معبدٍ صينيٍّ، ربما تشاو-لين. وكما قلتُ لكْ، كان غريبَ الزيِّ واللُّغةْ. كنا نلتفُّ عليهِ كزنزانةٍ، فينبسطُ كبحرٍ وينسرحُ، ومحيطاتٌ أخرى فيه ظلتْ خارجَ العِبارةْ.
وكنا نخافُ منه أيضاً، لأن نساءنا انجذبنَ إليه، حتى أن جاريةً رزينةً مشتْ في نومِها، والهواءُ يطيِّرُ ثوبَها الأزرقَ الشفافَ، كمن داختْ من القمرِ والنظرةِ في النيران المُمَغْنَطةِ، مشتْ نحو تمثالِ إلهٍ عند البوابةِ الشــــرقيةِ، ونزلَ
التمثالُ ببطءٍ كي يدخُلَها، قلنا جُنَّتْ ‍‍! فقالت إنّهُ هو الذي لا مناصَ منه، الخيطُ الممتدُّ في الحُلُمِ، هو، الذي لا ينسى. وأُزحْنا من بين أفخاذ نسائِنا، مِنهُنَّ أُزِحنَا وبسبَبِهِ. وكنا نسمعُ ضِحكَتَهُ في قاعاتٍ مغلقةٍ لعرضِ اللوحاتِ، ومن خلفِ البواباتِ الحديدِ نُحسُّ بحريةِ الصوتِ فيهِ، ونحزنْ. سافرَ نرجسُهُ في مرايا ظلامنا !
لم تعدْ الأنهارُ هيَ هيَ، وبواباتُ طيبةَ لم تَعُدْ هيَ هِيَ، عندما مرَّ، كأنّ شيئاً ما حدثْ. عيونُنا كانت تشذُّ فنعيدُها إلى السويّ، كما أعدنا جِمالَنا إلى بخارى. بعضُنا قالَ الإستثناءُ هو الإستثناءُ، وآخرونَ بأنَّهُ مُتَلَبِّسٌ وجُنونٌ، قلتُ شاذّاً عنهُ، وقلتُ فذّاً، وخِفْنا منه. لم يعدْ يذكُرُهُ أحدٌ من جيلِنا، لا يبكي عاديٌّ على استثناء. أخرجناهُ إلى الهامشِ، كان "التطرُّفَ" كنا لسنا "التطرُّفَ" أعني احتجناهُ لكي نُعَرِّفَ من نَحنُ، وسَامَ، خرجَ من الصفحةِ والهامشِ إلى شيءٍ أبيضٍ، وعيٍ أبيضٍ ربما، وسمِعنا بأنه غادر.
صار صامتاً، يتأرجحُ عندَ البوابةِ الشرقيّةِ في أُرجوحةِ قشٍّ مُعلَّقةٍ بين شجرتينِ، كتلكَ المستخدمةِ في الأمازون، وكنا هناك نزوِّجُ أبناءنا لبناتِنا، نعزفُ النايَ ونحتفلُ، ويبقى صامتاً، ويهزُّ رأسَهُ كقط.
لِمَ لا يفرحُ؟ قلنا. ليست هذه نشوةً، قالَ، فخطوتُنا لا تذوِّبُ الثلجَ في زُرقَةِ السماءِ، ولا الظلَّ في الضوءِ، ولا الروحَ فيها، وكان حزيناً لأن نشوَتَهُ أعمقُ من فرحِنا، ربما لم نَكُ آلهةً، بل تُجّاراً، نسهرُ بينَ الجواري اللواتي يعزفنَ العودَ، ووجوهُهنَّ محمرَّةٌ كالشفقِ عند البوابةِ الشرقية.
وكأنه لم يكُ يعي حدودهُ، كنهرٍ يفيضُ، وكان فناناً في التجَنُّبِ حتى أن زوجتي “سكارلت” بطلة “ذَهَبَ مع الريح“، حاولت مرّةً إغراءهُ، فحدَّثتْهُ عن الملَلِ، وعن لوحةٍ فيها رجلٌ يصوِّبُ بندقيتهُ إلى رأسِ ظلهِ الساقطِ على الحائطِ في ساحةِ الظهيرة، ولم يفهمْ. لِمَ؟ قالت، فقال كلماتُها أجراسُ زجاجٍ تتلاطمُ كنجومٍ معلّقةٍ بسلاسلَ من ذهبٍ في فضاءٍ خالٍ، وقالَ بأنه سَمِعَ أبعدَ مما يجب، وبأن الصوتَ سوطٌ، والكلماتِ كتلُ جليدٍ أو حجر. وهكذا نامت معي لوحدِها، إنفصَلَتْ عنّي ولم تتَّحِدْ بِهِ، وحَمَّلَتْهُ الإنهيار.  ورأيتُهُ ينظرُ للخلفِ، نحو البوابةِ الشرقيةِ التي تُغْلَقُ بقِفلٍ مفتاحُهُ المساومات، لا ! ليس حلاًّ  وسطاً. كان هو ليس حلاًّ وسطاً، لا ذاكَ ولا هذا، وكان يبدو بلا حلٍّ أبداً. وكان يهزأُ بالإرتياحِ، ويفضِّلُ المغامرةَ على السعادةِ، والعقلَ الأوَّلَ عندَ الفارابي على المعقولِ عندنا في طنجة، ويتنقل بحثاً عن امرأةٍ قال بأنها عَرَفَتْهُ في حيـــاتِهِ السابقة، ولا يتورَّعُ في البحثِ عنها في الماخوراتِ في الدارِ البيضاء، وقال الأشياءُ فَشِلَتْ في العيشِ حسب مفهومِها، مفهوم الأشياءِ ما يقصدُ، فَشِلَتْ، وقال الظلُّ لا يكفي للقاءِ الأصلِ. وعندما يعودُ الحصانُ الأصفرُ إلى سفح الجبلِ يبدو منتشياً بالعودةِ من الخارج.
حاولتُ أفلقَهُ كحبّةِ جَوْزٍ كي أفضحَ داخِلَهُ، لا داخلَ فيهِ، أو هكذا شعرتُ. وكان واضحاً، ووضوحُهُ يُخيفُنا، فنلتفُّ بعباءةِ السرِّ وننفضحُ نحنُ، وكنا نحبُّ الغموضَ، وكان واضحاً، وهذا ما كان غامضاً فيه، حتى أن عاهرةً مقدسةً، من أوغاريت، على ما أعتقدُ، إتَّهَمَتْهُ بأنه لا يغسلُ ملابسَهُ الداخليّةَ، وجرحَتْهُ. ربما كانت على حقّ، ولكنني رأيتُهُ يسبحُ في الزبدِ المُشمسِ كلَّ صباحْ، ولم يتكلمْ عن الرّملِ الذي فينا. وفي احتفالاتِ الربيعِ قالت له مالكةُ عبيدٍ بأنها تشعرُ بالذّنبِ لأنها تستعبِدُ غيرها وتودُّ تسريحَ عبيدِها، قال لها الأدنى يخيفُ، وقال بأن جمهرةً من أرواحٍ عبدةٍ تسكنُ في روحِها هي، ونَصَحَهَا بالخروجِ، وقال غامضاً.
كان استثناءً، لذا ركّزنا على عمامتِهِ الخضراءِ، وكان يلبسُ زنّاراً من حريرٍ مطرّزٍ، وحذاؤه قوقعتيّْ سلحفاتينِ مرصّعتينِ باللؤلؤِ، وكنــا نتوشوَشُ سرّاً عنهُ،  وأخيراً في طنجةَ لَبِسَ كاهِلَها وصارَ من بيننا، قلنا تنازل، لكنه لا يجدُ جدوىً في الصراعِ على اخضرارِ عمامة، وتجنب، وكان فناناً في التجنب، وأعتقدنا بأنه صار عادياً، وكذا صارَ، ولكن هذه من أغربِ خطواتِهِ: أعني عاديّتهُ.
وفقدنا الكثيرَ حين فَضَّلَ الصمتَ و العزلةَ في بيت تخفقُ الريحُ فيه، وكنا نرى مصباحَهُ مضيئاً بحمرةٍ شاحبةٍ، حتى ساعاتٍ متأخرةٍ، ورأيناهُ يرقصُ منفرداً على موسيقى للهنودِ الحمرِ، وازددنا حيرةً، فهو لم يرقصْ لنا ولم يرقصْ له، بيتُهُ كان يطلُّ على البحرِ من الجبلِ، وعلى البوابةِ الشرقيةِ من الغربِ، من حيث كنا نمرُّ عليه في احتفالاتِ ديونيسيوس، حامليَن عضواً ذكرياً ملقىً كالحبلِ على أكتافِنا، قلنا لِمَ لا يفرحُ؟ قال فرحتُنا نمطْ، وضحِكَ بعمقٍ، مطلاًّ من شباكِهِ، كمن وجدَنَا ثانيةً بعد سفرِ قُرونٍ، مستغرباً وبمرحْ، ورأيتهُ ليلتَها يحاول إغراءَ ابنةِ تاجرٍ من أصفهان تحملُ إكليلَ غارٍ وتلبسُ الأبيضَ في الإحتفالاتِ، وتحملُ سلّةً فيها سعفُ نَخْلٍ، لكنها فضّلَتْ غيرَهُ، ولم يكُ عاهراً [ إلا حينما يميلُ النخلُ في معبدِ القمر كي يوحي للعرافاتِ بوحيٍ قديمْ ]، و لا قدّيساً، بل أشبهَ بنايٍ تُصَفِّرُ الريحُ فيهِ، أغانيهِ ليست منهُ، ولم نلُمْهُ، وأدرَكْ، وكان يتعرّى ويمســـحُ جسمَهُ بالزيـتِ في الإحتفالاتِ، فأُعْجِبَــــتْ بجســــدِهِ سكارلتْ، زوجتي، بطلـةُ "ذَهَبَ مع الريح"، قالت تتمنّى الخضوعَ لقوّتِهِ، قال لا قوّةَ فيهِ على إخضاعِ أحدْ، وقال اللذَّةُ أعمقُ من الممنوعِ، وهي اللذّةُ تحتَ الممنوعِ كالماءِ تحتَ العشبِ، وكنا عُشباً ممنوعاً نتأرجحُ كمشنقةٍ في غروبِ الأشيـاءِ، قال خيرُ تعاليمي وجودي هنا، وهناك مسافةٌ من وعيٍ بين اللهِ وبين المؤمنِ به، قال، وازددنا حيرةً.وأكثرُ ما حيَّرَنا فيهِ أنّه لم يكن امرأةً، ولا رجلاً. كلُّنا نعرفُ، كان رجلاً، بمعاييرِنا،وحَسَبَ عرافةِ طنجة كان أنثىً، بمعاييرها، وسألناهُ، قال الأُنوثةُ و الرجولةُ ضفّتانِ لنهرٍ واحدٍ وهوَ اختفاءُ النهرْ عندَ لقاءِ الضفتين، بِلُغَتِنَا. لكنه كان أبعدَ مما يجبُ، لا ذاكَ ولا هذا، غامضاً، وراءَ اللغةِ، ورَمَتْهُ سكارلت بإناءِ زهورٍ عندما تحدَّثَ
عن منطقةٍ كهذه، بمعاييرها، فتجنَّبْ، وكان فناناً في التجنب، قال عن زوجتي "وعيُها طبقة"، وقال، لاحقاً، بأنه تجوَّلَ حول ضواحي الجنونِ، وعاشرَ سكانَ هذي البلد، وتوقفَ بين المألوفِ والجنون زَمَنَاً، لا يرجع من حيث جاءَ، ولا يوغِلُ في حيثُ يتجهُ، سأَلَتْهُ إن كان هناك لم يـزلْ، قال التردُّدُ بين المألوفِ والجنونِ طبقة، وهو قبيلةٌ جديدةٌ من أستراليا، والقاراتُ بيتَهُ، والإمبراطوريةُ محدودةٌ، ولم نَفْهَمْ.
وانتظرتْهُ سكارلت، زوجتي، وكانت كمن تزرعُ البصلَ والثومَ في الشمالِ، لكي تفهم عودَتَهُ بين القراصنةِ القُدامى، كذكرىً بلا عاطفة، قال الذاكرة متحفٌ ميِّتٌ، والجليدُ مهمٌّ، قعرُ الجحيمِ عند دانتي من جليدٍ، وهكذا كنت أَنْشَعِبُ ولا يوحِّدُني بي.
وأريدُ أن أُحدِّثَكَ عن تلك الحفلةِ في قصرِنا في أصفهانْ،
سوف أحدثكَ أنا، تايريزياس، الذي رأى كلَّ هذا، عنه،
وعن الوجعِ الذي لا بحرَ ولا إيقاعَ له،
الوجعِ المحشورِ كالنمرِ البِنغاليّ في قفصِ الصدرِ،
الحزنِ الذي في الروحِ يسري كأفعى الماءِ،
وعنها،
تلك الخارجةُ من الرواياتِ لكي تَئِنَّ تحتَهُ وتتأوَّه،
وأنا، تايريزياس، في الغرفةِ المجاورةِ،
أنا الذي يمزجُ الحزنَ باللصوصيةِ،
ويمنعُني الإفتعالُ عن الإنفعالِ، والكبرياءُ عن الشكوى،
أنا، من ينكرُ حين يرى،
حين كانت تئنُّ تحتهُ كذئبةِ اللَّذَّةِ، راميةً رأسها للخلفِ،
مع ذلكَ البرنزيّ الذي لفحتهُ شمسُ الصحراءِ الحمراءِ،
وقالت، بين التأوُّهِ والإستثارةِ، عني،
أنني آمنٌ مثل بيتِ اللهِ الحرامِ، ويوثقُ بي،
ومعي لا تشعرُ بعد فِعْلَتِها بالضياعِ،
ولكن اللذَّةَ معهُ،
ذلك الطفلُ القادمُ من الصحراءِ وقبيلةِ التوريغ،
مثيرةٌ بجنونٍ وبِدئية،
وكنتُ واقفاً، بحواجبٍ الشيبُ سرى فجأةً فيها،
في الغرفةِ الأخرى، بين القططِ، والكتبِ، والإضاءاتِ الخافتةِ، أرى كلَّ هذا،
أنا الذي حاصرتني مَرّةً أخرى العادةُ،
وفيَّ تحدو قوافلُ غروبٍ شاملٍ في أفقٍ من رملٍ،
ووجهي يحتملُ أقنعةً عِدّة،
تايريزياس، العرّافُ الأعمى،
حيث الرؤيا لا تجدي في وطنٍ فيه الجريمةُ أفضلُ الخياراتِ، وأفضلُ الخياراتِ جريمةٌ،
والموهبةُ لا تجدي بين الإمتيازاتِ،
وطنِ المجاعةِ والفراغِ، حين المعرفةُ فارَقَتْها دفقةُ الحياةِ،
أنا الذي سيحدِّثُكَ عنه !
كان يبدو تحتَ السطحِ، كامناً، حتى لحظةِ النظرِ إلى الداخلِ، حين يسري في الروح كأفعى النهـرِ، وما كان فظاً، كنتُ أحتاجُهُ مولاي، ما كان فظاً، فأراني كهفاً فارغاً مقمراً في أعلى جبلِ الروحِ وقالْ: هنا أتعبَّدْ، والصمتُ كلامي فانظرْ فيهْ، أغناءُ الروحِ حاجتُكَ الجوهرةُ المنقوشةُ على شكلِ فارسٍ من البرونزِ والتأمُّلْ، لما يتعمَّقُ وعيُكَ ويحتاجُ الفيضانُ هذه المدنَ لن يبقى من هذهِ المدنِ إلا الريحُ التي عَبَرَتْها الخيانةُ في الروحِ نفضٌ لغبارِ المللِ، الملذاتُ كَثْرَةٌ، وكذا التضاريسُ كثرةٌ، قالَ، أرى البوابةَ الشرقيةَ مَعْتَمَةً من حديدٍ، والسيرُ في الطرقاتِ التي تفوحُ برائحةِ الحلاقينَ والجندِ ملذاتٌ مألوفةٌ يا عبدُ، قالْ. وفي تلك الليلةِ المغلقةِ بندمٍ وبنفسجٍ في قصرِنا في أصفهانَ المدعوَّاتُ معطراتٌ والمدعوّونَ معطرونَ الأيادي شموعٌ تشــعُّ في صـــالاتٍ مفروشةٍ بالفروِ الأبيضِ الناعمِ، المرايا كَثْرَةٌ، وعبيدٌ عراةٌ وعبداتٌ عارياتٌ في أياديهنَّ سعفُ نخيلٍ يروِّحْنَ عن الضيوفْ، وفي الطابقِ العُلويِّ، قبلَ الكشفِ، حيثُ لما أنّتْ تحتهُ قالت تُثيرُ، لهُ قالتْ، يا إلهي تُثيرُ، ورأسُها ذاتَ الشمالِ وذاتَ اليمينِ يروحُ كطيرٍ شدّتهُ اللذَّةُ للأرضِ، قالت ما يخرجُ منكَ جميلٌ، واللغةُ الممنوعةُ تطفحُ باللذاتِ المحزونةِ بعدما فرضَ الأمنُ المشبوهُ الكتمَ على الأحرفْ
توحَّدْ عندما تفكَّكُ الأشياءُ، يا عبدُ، قالْ
كانت واقفةً في الشبّاكِ الخلفيِّ كاشفةً نهديها للغروبِ كإقوحانٍ في إناءٍ، وأما هو ففي إيماءاتِ ضوءٍ أمْيَلِ للإخضرارِ، نصفُهُ في اللونِ ونصفُهُ خارجَ عتبةِ غرفةِ النومِ، بدا كقدرْ، لم تَرَني ولم يَرَني، لا يرى غيرُ المرغوبِ فيه، أحياناً. ورأيتُ بأن سكارلت تتقنُ الإنسحابَ إلى الداخلِ، كالأقباطِ خارجَ مصرْ، تتقوقعُ كسلحفاةٍ، وتمشي بزاويةِ 45، كسرطانٍ بحريٍّ، وهناك تختفي هويَّتُها حيثُ لا أصلُ، وأوهمْتُها بأن قلبي يَصِلْ. مَنْ قالَ هذا:
"
تركتُ الحبيبةَ - لم أنْسَها - في غروبِ الشجرْ...
توهَّمْتُ أن السمواتِ أبعدَ من يدِها عن جبيني
وأوْهَمْتُها أن قلبي يَصِلْ"؟
وبعدها غادرْ. راقَبَتْهُ سكارلت من شُبَّاكِنا الخلفيِّ، مددتُ يديَّ إلى قبابِ نهديها النحاسيةِ تحتِ الغروبِ قالت البحرُ هاديءٌ وبأنها سترحلُ إلى بحرِ إيجةَ، وتَبِعَتْها قِطَّتُها السياميةُ التي لم تكن تحبُّ أحداً،
وجلَسَتْ على حقائبِ الجلدِ الأحمرِ الكالحِ بانتظارِ شعوبِ البحارِ. وتجوَّلتُ وحيداً في رَدَهاتِ القصرِ، فتحتُ قناني النبيذ ونصَّ اللآليء.
"
حتى من أجلِ شربِ الخمرِ، احتجتُ إلى النصحِ..
أنها نهايةُ الزهُوِّ..
وفي النهايةِ كلُّ شيءٍ باطلْ.
فدخل مولايَ وجلسَ بقربي في المكتبةِ، وكان خفيّاً كشبحٍ، فأثارَ غبارَ المخطوطاتِ عليَّ وحـوليَ، وبكيتُ، فقالَ يا عبدُ، جُزْ هذه المنطقةَ، أحياناً نعمى حين نرى.

15/06/2012

ليالي الكوافير 2


-1-

في الطريق الى مي – عربة السيدات – خط شُبرا – الرابعة عصرا.

اصل بُصي يا مدام اماني، هي بتدخل مبتصبحشي على حد بأسمه، بتقول صباح الخير و خلاص، ميصحش يعني احنا مبنأخرش عنكم ورقة.
-معلشي، مع اني و الله ياما نبهتها، بس هي تاخد شوية بتستهدى بالله و بعدين ترجع تاني، اصل الطبع يغلب التطبع و دي حاجة ف النفسية.
معلشي، بس بردوا، مش هنبقى نعملها حاجة بعد كدة، ابقي تعالي انت بدل ما تورينا وشها، انا عارفة دي جوزه مستحملها ازاي؟ هما مخلفين كام عيل
-امال لو شفتيه، جوزها ما شاء الله طوله يسد عين الشمس و عندها ولد واحد طالع لأبوه، عشان كدة تلاقيها مش جايبة غير ولد واحد، و الله على رأيك تلاقيه مبيجيش جنبها .. ولا تلاقيها بتعرف تقلع دي.
نسوان عاوزة الحرق.


-2-

تاكسي من رمسيس ..

عارفة حضرتك .. الحريم ملهومش امان، انا كُنت خاطب واحدة زمان و سافرت السعودية، و و انا هناك، اتشكبت على شبكتي، عشان كدة اتأكدت ان ملهومش امان .. و الله راجل كُبارة وقتها قاللي الستات يحبوا الزوادة و اللي يعسلهم بكلمتين ..
مرة في واحدة ركبت معايا و هاتك يا عياط، سألتها خير بس مالك، قالت لي بتعيط عشان والدتها مش طايقة جوزها، يمين شمال احاول اعرف منها الأسباب، مفيش اي سبب، قلتلها بس .. تبقى كانت بتحبة .. و اقنعتها، اصل انا كنت بحب اخت المدام، و لما اتجوزت المدام، اختها بقيت جافياني و مش طايقة تشوف وشي .. قالت لي اه تصدق عندك حق .. لاغيتها بقى بالكلام و كلمة كدة و كلمة كدة، و بعد شوية قالت لي عندك مكان؟ اصل حماتي فالبيت .. المَرة اللي كانت بتبكي جوزها .. قلت لها انزلي شوفي طريقك يا ماما و نزلتها م التاكسي .. نسوان ولاد حرام!

و مرة اخدت واحد ست و بنتها من مدينة نصر لطوخ، بنتها شابة كدة، اول ما البت راحت ف النوم، عرفت بقى، الست جوزها ظابط ف الجيش و مبتشوفهوش، بس هي نغشة يعني، قعدت بقى تقولي الواحد ياما شاف .. انا قُلت لها، ايه بس قولي لي .. فحكت لي ان جوزها سايبها و ان ياما ورد عليها رجالة و بعدين حطيت انا ايدي لا مؤاخذة على ايدها .. راحت ضاحكة كدة .. تعرفي انتي بقى الست ساعتها على طول .. و بعدين قابلت صاحبتها على اول السكة عشان تدخلنا الشارع، راحت ندهت بنتها م الكرسي الوراني .. و كان جنبها الشُنط .. و زنقتها جنبها عشان صاحبتها تركب ورا .. و راحت زانقة فيا انا ..

و ف الأخر يقولك اصل الرجالة بيغتصبوا الستات .. نسوان محرومة و الله ..

-3-

**
مي: عارفة انا مطنشاها ليه؟ اصلها كل اسبوع و التاني تيجي للبت هيام تقولها اعمل لي سوييت، البت هيام عملت لها رجليها بالشمع و خرجت برة و فاكراها خلصت و هتحاسب، فندهتلها قالت لها لأ كملي، البت هيام بقى عشان سوسة راحت جات قالتلي عشان عارفانا صحاب، فأنا عملت روحي هدخل فقالت لي لأ ثواني .. فلما دخلت بقولها وش كسوف يا بت .. فهيام بقى راحت مسوسة و قالت لي لأ دي مش بتعمل رجليها ..
فأنا بقى مسكتش، قلت لها ايه يا روح امك ناوية تدخلي من غير عرسان .. فقالت لي الله الدنيا حر، و انتي ملكيش ف النضافة ولا ايه ..
انا مليش دعوة طبعا، بس البت دي امها صاحبة امي و انا كنت زهقت بقى من مشيها الهباب ده، رحت قُلت لأمي تقول لأمها .. و امها الدون اصلا عارفة ان الواد اللي ماشية معاه معلم عليها، بس انا خلصت ذمتي يعني.
بعد كام يوم كدة اصلا سألتها قال يعني هي قالت لي، بقولها محمود مشكرش هيام يعني، راحت راقعة الضحكة و قالت لي ايوة ده كان قرفان، شفتي؟ اهي وقعت بلسانها، اصلك هتداري لأمتى يعني!


**
مي: اصل احنا مشيّنا شادي، هو ابن خالتي آه بس الشغل شغل، اصل البت هيام مرة كانت طالعة التاواليت، راح قافش فيها ع السلم، هو انا معرفشي يعني هي اتجاوبت معاه ولا لأ، بس امي بتقول انها فتحت الباب لقت البت بتقوله لو موعيتش هقول محمد، و بعدين احنا عارفين يعني شادي عيل صايع و سيس، عيل يعني ميعقلش انه ميوسخش ف اكل عيشه.
بس اصلا محمد استنهزها فرصة عشان يمسك ع الولية خالتي زلة.


**
مي: بت يا نانسي، تعرفي مين الزبونة اللي لسة ماشي دي؟
دي اللي قلت لك عليها اتخانقت هنا هيّ و صاحبتها، اصل مرة الزبونة دي جت و معاها صاحبتها و كانوا بيتكلموا كدة عن صاحب واحدة تالتة و باينّه كان مصاحب الزبونة دي الأول، و الكلام بقى جر بعضه قال ان الجدع ده بيقول ان حاجتها، من فوق يعني كبروا على ايده .. الغريبة بقى هيّ مكانش عندها مشكلة تسمع الكلام ده عن روحها، بس هما شبطوا فـ بعض لما بتقولها اسم الله على البت صاحبتة المأيحة الشحط محط دي مفيهاش حاجة تتمسك، و التانية تقولها لأ ازاي دي نورهان مُزة جدا .. و صوتهم عِلي بقى و شبطوا ف بعض.
راحت بقى صاحبة الزبونة دي قايمة و شتماها، اه و الله ف نص المحل، بس محدش كان هنا غيري و انا مردتش احجّز اوي الا ابت كان شكلها مش ولابد .. بس بعد ما مشيت بقى الزبونة حَكت لي ان البت دي كانت السبب ان الواد صاحبها ده يسيبها، اصلها قالت له انها كانت مصاحبة واحد قبل ووريتله صورتها معاه.
مش صغيرة اوي هي بردوا، تطلع ف الدبلوم.


**
مي: مش انتي كنتي سألتيني عن شهيرة مرة، ايوة سألت خالتي، اصل هيا لما سابت المحل انا كنت لسة فـ اعدادية، هي خالتي بتقول انها كانت لايفة على  واحد عربي و مرفقاه، اصل شهيرة اساسي كانت شغالة في كباريه، مكانتش بتشتغل شغلانة وِحشة يعني، بس بعدين عرفت الجدع ده و كانت بتروح له .. و بعدين اتجوزها عرفي اد تلات سنين و مكانش حد عارف لها طريق، حتى الواد ابنها كانت تروح تشوفه مرة ف الأسبوع و خلاص ..
هو طلقها دلوقت، بس كاتب لها شقة ياختي بأسمها و مدلعة نفسها دلوقت و خدت امها و الواد يعيشوا معاها، و باينها كدة هتفتج بزنس لروحها عشان كانت كلمت جوز عمتي رباب يشوف لها صنايعية، بس هي لِونة و تعرف تعمل اللي ف كيفها و اهي فتحت لها من وَسع.


**
عمتي رباب اصلا اتجوزت مرتين و اللي معاها ده التالت، بس الحمدلله مخلفتشي غير منه .. هي مش شكلنا، اصل احنا شكل امي، يعني ابويا هو اللي حلو اوي و مُز، اصل هما فلسطنيين.
جوزها الأخراني ده كان صنايعي هنا، بُصي احنا عارفين انها حبته، لكن هيا كانت داخلة عليه رهان مع خالتي ام علي قبل ما خالتي تتجوز، بس انا متأكدة ان عمتي بتحبه، متشوفيش لحظات الحب و الهيام سوا سوا، عشان كدة تلاقي خالتي ام علي راحت اتجوزت وراها على طول، و عمتي رباب ادت جوزها فلوس فتح محلة و جوز خالتي فتح لها محل بردوا ..
هما بيكيدوا ف بعض من زمان.


**
مي: شُفتي محمد، الراجل ابو نانسي عرف انه يوماتي بيشرب حشيش، و الراحل بقى راسه و الف جزمة لا يخلي البت تسيب الشغل، و جه هنا و قعد يجعجع و يقول له و عمال تصلي لنا فرض بفرض و كل شوية داخل جامع السُنية و خارج من الجامع، و حشيش ازاي بقى .. محمد شرح له يعني انه ده كيف مبيسكرش و مش حرام يعني و مبياخدش الدماغ .
بس انا عارفة البت نانسي هي اللي سلطت ابوها عشان هيا خايفة ع الفلوس، عشان كنت سمعتها مرة قعدة كدة عمالة تتمايص عليه و تقوله الحشيش و البيرة و معرفشي ايه، البت دي انا بحبها اه، بس هي ارشانة، يعني اما تعوز حاجة تيجي بالذوق، بعدين تقعد تتمايص كدة عليه و تلبس بلوزة محزقة و طول ماهي قاعدة تمسك ف ايده .. و هي مبتنولوش حاجة منها فتخليه مش على بعضه، بس هو واضح ان محمد كيف الحشيش عنده اهم .. اصله طنشها.


**
مي: فاكرة البت هند اللي كانت بتشتغل هنا زمان، جات مرة تزورنا، كانت عاوزة تسأل واحدة زبونة عن اسم دكتور يعني لا مؤاخذة بتاع عمليات بتاعة غشاء البكارة، اصل ليها واحدة صاحبتها اتلطت مع واحد و متفهميش بقى هتدخل بلدي ولا اصلا هتتجوز واحد غيره، اصل هند تحب تخدم في الحاجات دي، و جاية يا بنتي اعوذبالله تشنع على صاحبتها، و تقولك ما كلنا عيشنا فوق الهدوم يعني .. و بعدين اللي بيفتح واحدة مبيعبرهاش .. بت وحشة من جوة قوي، مع ان شكل الواد هيتجوز البنت، بس هيا تحب تفضح الناس، و بعدين جل من لا يسهو، محدش يحكم على حد يعني، و هند دي اصلا سمعتها على كل لسان بس هيا تحب تفضح ف الناس.
اصلا دي قبل ما تتخطب جت تقول لنا ان في واحدة تعرفها جابت لها اعشاب يعني بتضييق الحاجات، اختي مروة كانت هنا يوميها، و مسكناها بقى تريقة، البت بتفضح نفسها بنفسها يعني ... حاجات ايه اللي هتضييقها و هي لسة يادو هتتخطب، مُلعب و كمان شايلة بُرقع الحيا..

ليالي الكوافير 1

 -1-
من عشر سنين فاتوا .. على لسان مي

محمد اخويا اصلا كان بيدرس ف الأزهر، انا عارفة ان الشغل بتاعه حرام، بس هيعمل ايه ده اكل عيشة، هو خريجكلية علوم و حاول يشتغل معرفشي ..
البنت هند اللي كانت شغالة معانا، فاكراها؟ مرتين تلانه حاولت تمد ايدها على لامؤاخذة يعني، بعدين عشان يفكه منها قاللها ماشي نبقى نتخطب بعد سنة يعني، اصلا هند كانت تعرف اتنين و هيا معاه و كنت بسمعها بتكلمهم بس محمد طاوعها عشان المحل يعني، بعد كدة بقى جابت ابوها و قال ايه عاوزة شبكة و خطوبة، بس محمد سب الملة لأبوها، قال له انا مش هفضحلك بنتك دي بتمشي مع مسيحيين اصلا، دي لما كانت بتجيلها البيريود الشارع كلة بيبقى عارف يا راجل يا دون .. بس هند مخطوبة دلوقت عشان كدة احنا نسينا يعني ..

**
-2-
في الكوافير مع مي..

مي: لعلمك انتي اتفضحتي في الشارع..
* انا ولا يهمني،
مي:  يا ناقصة انا لو مكانك اعزّل ..
مي بقى حبت تحكي الحكاية للزباين، ان "اسماء" كانت ماشية مع ولدين في نفس الوقت، و في واحد فيهم عشان يثبّتها قالها هقرا فتحتك، و قرا فتحتها فقالت ماشي، لما التاني عرف قال له دي مُلعب و لسة بتكلمني و هثبتلك..اتصل بيها و هو فاتح السبيكر و قالها اسماء و حشتيني، قالت له و انت كمان، قالها قولي لي .. الأندر وير بتاعك لونه ايه .. رقعت ضحكة سمّعت الشارع و قالت له احمر و المكالمة كملت شوية و قفل عشان التاني يتصل..راح اللي قاري فتحتها اتصل و قال لها ان الأولاني بيقول انه لسة بيكلمها، قالت له احلف لك ع المصحف لأ .. قالها طيب سيبك، قولي لي، لابسة اندر وير لونه ايه .. قالت له احمر .. قالها احمر يا شر**** زي ما قلتي لأحمد، قالت له ده كداب و هو مسجل لي المكالمة دي من زمان .. قال لها انا كنت قاعد و سامع .. قالت له اصلا انا مش لابسة اندر وير احمر ..

**
البنتين كانوا قاعدين، هي مصممة تعمل وشها عشان هتقابل صاحبها، و هي اصلا لابسة نقاب، ففي زبونة تانية قالت لها و انتي بتقلعي النقاب في الشارع، قالت لها اه عادي اصل انا بلبس النقاب عشان محمود، فـ و انا معاه هو مبيتضايقش ..

فراحت مي اول ما الزبونة وقعت تحت اديها، قالت لها، دي اصلا بت عرة و مشيت مع اربعة قبله و في واحد فيهم جرسها في شارعهم و قال انها راحت له البيت و كان معاه اتنين من اصحابة، بس الناس ضربته عشان هي منقبة اصلا.

**
محمد اصلا يا بنتي كان نفسة يتجوز واحدة جارتنا مسيحية، بس اصلا احنا مش بتوع اذيّة، عندنا المسلمين و اولهم ستي هتقولك تخليها تسلم، مع انه يجوز على دينها بس انا عارفة و بقولك اهو احنا نحب نستجبر، و بعدين ابوها صاحب ابويا و منرضاش نجرسه، بصي اصل هيا مش جرسة لينا بس جرسة ليكوا.

لعلمك البنات المسيحيات مُزز جدا، ياأما وحشين و شبه البوم و الواحدة تيجي تكلمنا من مناخيرها كدة .. بس انا صدقيني بحبكم جدا، اصلا انا عارفة كتير م الدين عشان انا بدرس تاريخ ف الجامعة..

**
محمد خطب نانسي اللي جت تشتغل جديد، لا والله بجد بنت مجدع و متربية، و ميتخافش عليها، اصل بصي انتي بتبقي عارفة مين اصلا البنت اللي يتحاول معاها، و محمد كدة كدة شكله حبها فـ و الله حتى لو خلف منها قبل ما يتجوزوا، هيتجوزها برضيك .. ما انتي عارفة محمد مش ندل يعني بس هو ميعملهاش من اول.

**
مي: يا شيشي انتي انتخبتي مين، لعلمك انا انتخبت الأخوان، و افرحي يا نانسي اهم رقعونا على قفانا، اصلا النتيجة المتعلقة دي بتاعتهم، لأ و محمد نزل قال يراقب، اه و قالوله عشان دقنك و انتي عارفة محمد مربيها عشان البنات و عشان شكله بيها مُز، بس احنا لعلمك انتخبناهم عشان معرفناش حد تاني يعني و بعدين كانوا يدبحونا ف الجامع اللي قصادنا، ده احنا كانت العمارة يجيبوها واطيها عاليها، ايوة فاكرة لما كنتي تهزري مع محمد خصوص الجامع .. بتاع نسائهم حلالون لنا ...  بس هو المستوصف اصلا و خلاص، لا حلالون ولا حرامون جاتهم نيلة بقر و بيشوهوا الدين ..

**
مروة لسة مخلفتشي وداخلة ع التلاتين، و لسة جوزها مخفش م الحادثة، ربنا مسبب الأسباب هو كان هيشتغل محامي، بس ابوه صمم ع شغلانة الحكومة، لو كان اتكسح الكسحة دي كان المحامي طرده، الحكومة سايباه ..
اوعي يغرك انه بيت عيلة و بيحترومنا، ابدا .. كلهم بينبطوا بالكلام على مروة عشان الخلفة عشان كمان خالتي ام علي مروة اللي وقفتلها اما كانت عاوزة تاخد المحل، فتلاقيها شمتانة، سَو.

13/06/2012

و عنيكي سكة سفر





و عنيكي سكة سفر .. في الصحرا و الواحة
و الشوق و دنيا السهر .. لا نوم و لا راحة 

ولا النجوم السود .. بينادوا ع الموعود
و انا اللي خدني الغزل ع الجنة طوالي
و شربت نهر العسل، و غزلت موالي
و سهرت فيكي الليل .. و الناس تقول يا ليل
و رجعت سكة سفر .. ف الصحرا و الواحة
في عنيكي

و انا بقول يا ليل .. و لكل عاشق ليل
يا جنة الملتقى مين فات سأل عنّا
و مين عطف بعدنا ع الورد يا جنة
من لحظة كنا سوا .. و العشق كان تباريح 
و رجعت سكة سفر .. ف الصحرا و الواحة
في عنيكي

احمد فؤاد نجم .. و عنيكي سكة سفر - زياد سحاب - مدحت صالح

بهية البراوية - سعاد حسني



كان .. لينا جارة مزعجة .. بتبيع .. حلبة محوجة
هوايتها، اخبار البيووت ..فٌلان مجاش و فلان ايه جه
بصراحة كنت .. انا كنت محبهاش
تعدي جنبي كنت .. ابدا محييهاش
بتندهلي و انا اخر طناش ..
اسمعها بتقول للجيران متشنجة ..
البت بهية دية براوية ..
بهية البراوية ايوة بهية البراوية ..
انا بهية البراوية اينعم .. مبقولش لأ خليك مكاني يا محترم
مش بردوا احسن نقتصر، بدل ما نضرب بالقلم؟
رقصني يا فُللي..

بس ... راجل، شنباتة مبرمة .. شيبة و هيبة و معلمة
و يا عيني .. بيعاكس البنات .. شوف الهيافة المؤلمة
جاي اسم الله عليه، يسبلي في عنيه
قل لته بقولك ايه انت هتخيلني ليه
و اديته درس بميت جنيه
سمعته بيقول للي جنبة بهلضمة
البت بهية دية براوية ..
بهية البراوية ايوة بهية البراوية ..
انا بهية البراوية اينعم .. مبقولش لأ خليك مكاني يا محترم
مش بردوا احسن نقتصر، بدل ما نضرب بالقلم؟
رقصني يا فُللي..

بس .. ناس من حارتنا بقكم غُناي .. فُريرة سكنوا في حي هاي
و ليلاتي في البارتي كبار و صغار .. و يقولوا تشاو و يقولوا باي
و انا لا اعرف اتقصع زيهم .. ولا اجاري تعويجة ضبهم
و لا دمي يهضم جَوهم
و لا اروحلهم تقوم عيلتنا تقول يا بااي
البت بهية دية براوية ..
بهية البراوية ايوة بهية البراوية ..
ايوة بهية البراوية ..


كلمات اغنية بهية البراوية
صلاح جاهين - سعاد حسني
فيلم المتوحشة 1979

كلاكيع 12


الأنانية نسبية .. ربما حالها حال الكثير من الأشياء؟ ربما الأنانية ليست في حد ذاتها انانية بما تحمل الكلمة من معاني تتخللها القوة، ربما في الأنانية ضعفُ شديد او الم اشد..

تبدو الأنانية حماقة وربما تبدو اعتداء على حقوق الأخرين، تبدو الأنانية اشياءا كثيرا، مثلما تبدو كل الأشياء التي اعتدنا ان نسميها بأسماء قبيحة و نضيف قُبح الى مرادفاتها و معانيها، ربما ان المعاني و المفردات اقبح كثيرا من كل احاسيس اللغة.

بعض الأشخاص، نود لو ان نمتلكهم مدى الحياة، غير مبالين بمدى وضاعة الحياة ككل، غير مبالين بمدى الألم الذي ربما سيعانونه ان حققوا امانينا في البقاء، غير مبالين ان كان في وجودهم سعادتهم ام سعادتنا ام تعاسة كلينا.

يجب الا يرحل ابي، يجب حقا الا يرحل، يجب ان استخلق طريقا يمنعه من الرحيل، ربما يجب ان يظل موجودا حتى و ان لم يكن معي، ففيه اخر بقايا من كياني البريء، لا يجب ان يرحل آخذا معه ما تبقى من قديمتي الحبيبة .. يجب الا يرحل تاركا ذاتي تنخر ذاتي، يجب ان يبقى حائلا بيننا بقديمتي التي فقط تتجلى معه.

اعرف ان في طلبي بقاءه انانية، و اعرف ان هذا لا يعنيني بالمرة، و اعرف ان انانيتي اقوى بكثير من التفكير في ان كان يود هو البقاء، ان كان يستطيع ان يحمل قديمتي لتلك السنين القادمة، لا اعرف حتى ان كان يريد .. ربما سيصيبه النسيان يوما، ربما وقتها سينسى قديمتي في مكان ما، و لا يرى غير قُبح ذواتي الجديدات، لا يهم!! اعتقد سأحاول ان ارجع اليه قديمتي وقتها؟ لست ادري ان كنت سأمتلك وقتها القدرة على تحمل نسيانه او مساعدته على تذكر اين فقد قديمتي .. لا يعنيني هذا ايضا، اظن ان ما يعنيني فقط هو احساس الأمان بوجوده ووجود قديمتي في ثناياه و دواخل عقله و قلبة اللذان طالما رآياني تلك البريئة الفريدة.

يجب الا يرحل، لئلا اتوقف عن الكتابة، لئلا تتجلي اما عيناي ضعفاتي الشديدة، لئلا تتساقط كل اقنعة القوة تلك التى يلبسني اياها وجوده من حولي، لئلا يخترقوني جميعا في غيابه الذي سيطول وقتها، يجب الا يرحل لئلا تمتد اياديهم عابثة بقرارات وجودي و قلمي .. يجب الا يرحل لأن هذا واجبه، لأن تلك البريئة و "القوية" هي صنعة يداه، لا اظنه بعد آن الآوان لينفخ في دميته الجميلة نسمات حياتية تُحييها استعدادا لرحيله!!

مرارا كثيرة تفاقمت انانيتي في بقاء بعض الأشخاص، لم يكن مقدرا لصديقي البقاء، اعرف انني ارغمته، ربما استثرته، ربما قهرته، لكنه لم يكن يوما ليبقى كثيرا، لهذا اخشى كثيرا من تخلصي من انانيتي، وقتها ربما سيرحل والدي اسرع .. لا يهم ان كان سيبقى مرغما، سيرحل حتما لا مفر، لذا، ما العيب من ان اقهره بقاءاً؟ هو سيرحل رغم قهري في كل الأحوال، لذا لا ارى في قهري حرجا، ربما ان تعرف الى وحدتي سيبقى؟ اعرف انه يعرفها .. اعرف انه مُتيقنا انه الوحيد الذي يحوي قديمتي و يهواها مثما افعل .. اظنه سيبقى؟ نعم سيبقى .. لن يقدر ان يقهرني و يقتلها هكذا .. اعرفه يحبني كثيرا .. لذا سيبقى.

كلاكيع 3


ربما ان كل الأشياء ليست في اماكنها الطبيعية، ربما ان بعض من تفكيري قد اُخذ الى مكان ما من ذلك الكوكب و اعتزلني قليلا، او ربما ان يدي تلك ليست في موقعها الأول، او ان ساقاي ليسا من المفترض ان يتخذا تلك الوضعية، ربما لون عيناي قد تغير قليلا! او ان شعري قد انسدل وقد اردته ملموما؟ ربما ان تلك الخطوط الحمراء في جسدي ليست دليلا على حساسيتي لمكونات المياه، ربما ليس من المفروض ان اكون حساسة لمكونات المياه؟ ربما ليس من المفروض ان اكتب، انا لست بكاتبة في الأصل، ربما لست بجميلة ابدا، هم فقط يقولون اني جميلة .. و لكني اظن ان قلبي مازال في مكانه؟ جاثما على كل تلك الأفكار و رافضا محاولتي للفكاك، رافضا محاولاتي الضعيفة للهرب، على الأقل بحثا عن تفكيري المنفي من ذلك العقل حتى اعجزه عن العمل!!!

ربما ان اكواب القهوة الكثيرة المُتراصة و التي لم انهي ايا منها هي الدليل الوحيد انني مازلت نائمة، ان لم يفيقني الكوب الأول حتى نصفة فذلك مدعاة لأحضار الكوب الأخر، ربما ان الأكواب التالية ستعمل على افاقتي بصورة محترفة اكثر من تلك الأكواب الأولى الضعيفة، او ربما انني لم اعد استفيق من الكافيين في اكواب القهوة.

او انني اظن ان البعض الهارب من تفكيري هو نفسة البعض المسئول عن افاقتي و انني يجب حقا ان استفيق لكي استطيع البحث عنه و ارجاعه من رحلتة الأختيارية في فضاء مجرة غرفتي .. لست ادري كيف سأستفيق ان لم تصل اليه اكواب القهوة، لذا قررت الا اشرب اكواب القهوة و ان ارميها في الهواء عل اي منها يصطدم ببعض تفكيري العالق في فضاء غرفتي، لربما يستفيق و يعود؟