Rustin Spencer Cohle

“I think human consciousness is a tragic misstep in human evolution. We became too self aware; nature created an aspect of nature separate from itself. We are creatures that should not exist by natural law. We are things that labor under the illusion of having a self, a secretion of sensory experience and feeling, programmed with total assurance that we are each somebody, when in fact everybody’s nobody. I think the honorable thing for our species to do is deny our programming, stop reproducing, walk hand in hand into extinction, one last midnight, brothers and sisters opting out of a raw deal.” Rustin Spencer Cohle

21/07/2012

انف كهل



لا ابارح مكاني لأيام طويلة تبدو رغم ذلك كساعات قصيرة جدا، اعود بذاكرتي بين كل ما اريد و اسافر بين صوري القديمة، الخطابات، زجاجات العطور الفارغة منذ عشرات السنوات، اكياس صابون فارغة، ازهار مجففة معلقة على حوائطي، مناديل ورقية مطبقة بأحكام و مدسوسة بأحد المجلدات، بعد ان اغرقتها – وقتها- بروائح من رحلوا، اشياء تجعلني اسافر عبر ازمنتي القليلة وقتما شئت.

اشتم احد ذراعيَّ لأسترجع بعض الأحداث، استطيع ان استعيد بأنفي ايما شئت، رائحة فطر الأظافر الأبيض هذا، حين طلب مني ان اتفحص احد اظافره في طريقنا الى الطبيب، رائحة ساقيه حين تخللت قطرات العرق شعيراته الكثيفة، رائحة قذف الهوى على بطنه حين رفضت ان انتقل بجوارة الى الأريكة البيضاء التي تفوح منها رائحة عطره الفرنسي المُثير..

اسافر و انفي الخارق هذا في كل الايام، مرات كثيرات قُمت مُسرعة بأعادة تمثيل احد مشاهد حياتي، ارتدي نفس الملابس، اُغرق نفسي داخل عطور يوم ما و اتراقص في ماضيَّ في محاولات واهية للسيطرة على الأحداث التي خرجت من حدود غرفتي حين حدثت لأول مرة، ارتديني، كأحد تلك الحُلى التي لم ارتديها قط، ارتدي تلك الوجنات و الشفاة الوردية بعض الأحيان، اخلع عني بعض الأحيان الأخرى عيوني او شعري، اخلع عني اظافري الطويلة، و رغم كل ما ارتديه مني و ما لا ارتديه، اعجز تماماً عن الهروب اليهم مني ..

استرجع رائحة النبيذ تلك بينما انا غارقة بين اذرع نساء مغطاة بالوان غير متناسقة في غرفة صغيرة يفوح منها العرق، اتذوق ذلك النبيذ فأشعر بدفء رغبة غريبة، لأشتم سريعا تلك الرغبة مُتعرّفة الى ذلك اليوم حيث كانت، تعيدني الرائحة الى ذلك اللقاء، اترك العربة بأبتسامة الحضور تلك، التقيه خارج المحطة، محاط بنفس الروائح البشرية، فأسترجع من اطراف اصابعه رائحة فمِه اللذيذ الذي طالما اسكرني بزجاجة النبيذ اياها، لأبتسم مرة اخرى هربا من حرارة الجو و حرارة جسدي التي سببتها لذة شفتاه، فأُقرر ان نُغرق انفسنا في ذلك البانيو حيث اسكبت زجاة سائل الأستحمام كلها في تلك الليلة، استدعي رائحة الورد، و اقفز الى البانيو فوقه .. مستعيدة كل العطور مرة اخرى، الورد و ذراعيه و شعيرات صدره المتناثرة.

تتوقف الروائح قليلا .. كمن يستجديني هربا، تنسد انفي، استنشق بعض الزجاجات الفارغة مرة اخرى حتى اصل الى ذلك اليوم في ذلك  المشفى، حيث لا يستعيدني سوى رائحة الدماء المُنفرة، و وروائح افواههم الصارخة بأبتعادي حين اردت ان انظر الى حجم السكين في صدره، اشتم تلك الدماء على ساقيّ.

يستوقفني صوت احداهن منادية ان رائحتي تبدو كريهة و انني يجب ان استحم، اعود لأسترق السمع الى صوته حين اقر انه لا يستطيع بعد اليوم احتمال امرأة تخطت الثمانين ترتدي ملابس شبابها كل نصف ساعة كالمجانين.

No comments:

Post a Comment