كانت احدى الترتيلات التي نرددها منذ صغر الصغر.. حفظتها عن
ظهر قلب و لكن الأن اجد صعوبة في تذكر كلماتها.. اذكر منها.. (صوتنا يبقى واطي واطي
.. ما احنا كلنا ملايكة، ندخل غلى طراطيف صوابعنا.. اصل بابا يسوع شايفنا)
كنا نردد هذه الترتيلة دائما في بدئ مدارس الأحد او عندما يعلو
صوتنا .. فتجد الخادم قد استنجد بالميكروفون و ابتدأ في ترتيلها لكي يحرج الجميع
صامتاً..
ذاك الرجل في ذاك التعليم:
كنت صغيرة جدا, ولم اكن ابدا طفلة شقية و لم اكن اكاد اتحرك
من مكاني و لكني كنت و بشدة امقت و اجهل سر حرص ابي الشديد على نظافة و جمال منزلنا،
بالرغم من انني لم اكن فوضوية بالمرة الا انني كنت اجد ضيقا في اهتمامة الشديد بالمنزل
و لم اجد سببا لهذا و لم اجد سببا اخر يدفع امي الى نفس الأعتقاد في هذا الأحترام المقدس
لمنزلنا..
عشرات الأعوام تمر.. و يزداد حبي لمنزلنا و حبي الجنوني لأبي
و امي ... ارى في كل حائط بعض الدموع و الأبتسامات ... اصبحت مريضة حبا بهذا البيت..
هذا الـ (إله) ... تراه دائما مرتبطا بالأذهان انه هذا الرجل
(اللي (شايفنا) فمنذ حداثتك تستقي تعليما خاطئا غبيا يدعوك الى الهدوء في حضرة شخص ما
لمجرد انه (يراك).
تعرف انه يجب الا ترفع صوتك او تجري بصوت او تُحدث ضوضاء طفولية
بحذائك و انت تتمشى .... فهو (يراك)،
هذا الـ (إله) يجبرك على احترام منزلة بأن يضفي عليك صبغة ملائكية
في اول الترتيلة مصحوبة بتهديد لطيف...(انه يراك).
بعد ان تعرف انه (يراك) تحاول جاهدا ارساء علاقة معه، و لكن
لمجرد انه (يراك) و انت (لا تراه)، تجد ان منحنى تلك العلاقة قد انحرف مبتعدا عن اي
مفهوم سوي لأي علاقة معروفة.
تبدو المحادثة شبه منعدمة و لأن رؤيته الكاشفة تخترقك و
تخترق وجودك، حتى لتبدو طلباتك لأن تهرب من وجهه سخافات متبخرة في هواء رؤيته لك و
طبيعة "الكشف" التي تبدو رافضة لأختيار الأبتعاد..
يترسخ مفهوم انه (يراك) في نفس الطريق مع مفهوم انك (لا تراه)
فيزيد منك هروبا و يقينيا ان من (لا تراه) (لا يراك) او لا يرى ما تريد ان يراه ..
تعرف انه (يراك) دونما اعلان او وجه حق او مساوة فأنت (لا تراه).
تحاول جاهدا التخلص من اصدء التراتيل البالية الغبية و تحاول جاهدا التخلص من كل مفاهيم ذاك القمع التي تصوره كإله احمق لا يفعل شيئا سوى ان يتوعدك بينما يراقبك .. و لكن تلك الرغبة الملحة في نفض غبار غباوات الأولين ينقصها شيء واحد.. و هو الشوق لأن (تراه).
تحاول جاهدا التخلص من اصدء التراتيل البالية الغبية و تحاول جاهدا التخلص من كل مفاهيم ذاك القمع التي تصوره كإله احمق لا يفعل شيئا سوى ان يتوعدك بينما يراقبك .. و لكن تلك الرغبة الملحة في نفض غبار غباوات الأولين ينقصها شيء واحد.. و هو الشوق لأن (تراه).
تتوالى ايام و تبدأ تلك الرغبة في الرؤية تحرقك، تآكل اسباب الرفض، كونك تعرف بغباء ترتيلها، ايام تحاول فيها ان تقتل اشواق الرؤية تلك، ان تعتز
بوجودك المحبوب كمن فُضلت عن الجميع في صورتك الحالية و التي تتعارض مع فكرة
الرقابة الفنية تلك، تحاول ان لا تتواجد في محيط المُختبئين من الرؤية و هلعها،
حتى تتعرف الى الكشف المتبادل، و الرؤية المتبادلة و المعروفة لك ايضاً.
لم اصمت قط لأستمع، و لم اصمت لأني اردت ان اصمت، و لكنني كنت
اصمت دوما استهزائاً بهذا الخبل المُرتل الذي لم يصبني ابدا، اذ حال ما كانوا يسمونه جنوناً
يوما عن اصابتي بالخبل.
November 2008
اتفق معك في معظم ما ذكرتي من تلك الأوهام لكن صدقيني هذه الترنيمة تتوافق مع خيال الطفولة الجميل لكن العيب هو ان نظل نرنمها بعد ان يكون الخيال الطفولي قد نحى منحى آخر ... فبعد ان يكون الطفل في الثالثة ابتدائي لا يصح ان تكون ههذه ترنيمة ملائمة له وصدقيني من ثانية ابتدائي كمان ... نحن في حاجة لأن ننهض نهضة حقيقية بمفهوم الخدمة وتغيير كل ماهو بال وقديم .
ReplyDeleteانتي عارفة : انا اعرف ام كانت كل ما ابنها يعمل شقاوة تقولة انت كده بتزود المسامير في ايدين ورجلين يسوع فيروح الواد يجري كل ما يعمل عمله يعد المسامير والجروح
طرق رسبت في نفوسنا علاقة غير سوية مع الله الكلي المحبة
واختاجت لسنوات من عمل النعمة حتى خلعناها
الترتيلة عموما يا استاذ تامر فيها ترهيب، يعني انا بحترم عشان انا خايف من اللي شايفني .. اي سن حاشاها مش محببة تترتل له :)
ReplyDeleteفي البداية اشكر اهتمامك بالرد لكن صدقيني في السن الصغيرة لكي ندرب الضمير يجب ان ندرب الطفل على الأحترام لا الترهيب وحينما نقول نمشي بشويش في الكنيسة ده للتأكيد للطفل ان فيه حاجة مهمة لازم نتعلمها الا وهي ان بابا يسوع الذي لا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته لايحب الضوضاء ... ده مناسب لسن ماقبل المدرسة لكن بعد هذه السن يكون الخيال قد بدأ يجد محدوديته
ReplyDeleteوهذا بالضبط ما فعله الله مع شعبه في البرية حين كان في طفوله روحية استخدم معهم امثلة تناسب وضعهم الطفولي
وبولس الرسول نفسه يخبرنا عن انتقال الواحد منا مع نموه الروحي اذ يعلن ان هناك حاله فيها الحواس غير مدربه لكن تأتي بعدها مع ازدياد عمقنا وعشرتنا بالله حبيبنا تكون حواسنا مدربه
آسف لفلسفة الآمور ولكن كما قلت لحضرتك انا متفق معك فيما قلتيه
لكن على فكرة برضه ده مستنتج من منهج ابونا متى ويمكن ان ترجعي له في كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية وايضا رسائل روحيه
مع تحياتي